الأسوة الحسنة 2 ...أيّها
المسلمون: صحِّحوا العمل، وقصِّروا الأمل، واحذروا الزَّلَل، ألا وإنّ دوام الخير
على النّاس وإن أمان الأرض من الشّرور بثبات العاملين بالطّاعات، وبالقدوة الحسنة
لكلّ الأجيال النّاشئة؛ فالعمل الصّالح يُصلِح الله به أحوالَ الفرد والمجتمع،
وتعمُر به الدّنيا عُمران بركةٍ وخير، وتسعَد به الحياة في جميع مجالاتها،
ويتبوَّأ الإنسان بصالح العمل أفضل المنازل في الآخرة، قال الله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا
[الكهف: 107].


والقدوة الحسنة تهدي الشبابَ إلى الصّراط
المستقيم في عقيدتهم، وفي أخلاقهم وسلوكهم، وفي اهتمامهم وفي آمالهم وأهدافهم، والإنسان
في جميع مراحل عمره بحاجةٍ إلى القدوة الحسنة الّتي يتَّبُعها ويُطبِّقُها في
حياته؛ إذ معنى الاقتداء: العملُ بأعمال المُقتَدى به في الدّين أو الدّنيا...
إنّ الاقتداء الحسن أهم شيءٍ في حياة المسلم؛
يُنير له السّبيل، ويُثبِّتُه على الصّراط المستقيم، ويُبيِّن له النّهايةَ
والعاقبةَ الحميدَة، ويرفعُ له أعلامَ الحقّ، ويُوصِلُه إلى جنّات النّعيم، ويحميه
من طُرق الباطل والغواية، وقدوة المسلم رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -، ثم ّالصّحابة
- رضيّ الله عنهم - وأئمة الإسلام الّذين قام بهم الإسلام وبه قاموا.
وقد قال أهلُ التّفسير في قوله تعالى:
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ
لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا
لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
[الفرقان: 74] "أي: مُقتدين بمن قبلنا من أهل الهُدى ليقتدِيَ بنا مَن
بعدَنا".


ولا معصوم إلاّ رسول الله - صلّى الله عليه
وسلّم -، والخللُ في حياة الفرد والمجتمع الإسلامي والتّفلُّت من أحكام الإسلام
مردُّه وسببُه التّقصير في القدوة بالرّسول صلّى الله عليه وسلّم ....
أيّها المسلم:
جاهِد نفسَك بتطبيق الاقتداء بنبيّ الرّحمة صلّى
الله عليه وسلّم ، واعرِض أمورَك كلّها على سنّته، وابذُل الوسعَ والطّاقةَ للعمل
بهديه وتعلُّم سيرته المباركة لاتباع طريقته، قال الله تعالى:
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ
[آل عمران: 31].


وتمسَّكوا بما كان عليه الصّحابة رضيّ الله
عنهم ؛ فمن خالفهم فقد خسِر وضلَّ سواء السّبيل، قال الله تعالى:
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ
مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ
مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
[النساء: 115]، وما لا يُدرَك كلُّه فلا يُترَك ما يقدر عليه المسلم.


وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا تخفى لمن طلبَها وحرِص عليها؛ فقد حفِظ الله
القرآن والسّنة...
المصدر: خطبة الجمعة
الأولى"القدوة الحسنة": فضيلة الشّيخ علي الحذيفي(المسجد
النّبوي29/07/1432للهجرة).بتصرّف.
No comments:
Post a Comment