Thursday, June 15, 2017



المبحث الرّابع:«ولا تبغ الفساد في الأرض»،الدّرس الثّالث:«دور التّشريع في رعاية الكون»
مع استثمار النّشاط الإدماجي .

الإشكاليّة:ماهي البيئة؟ و ماهي مظاهر اهتمام الشّريعة الإسلاميّة بالمحافطة عليها؟.
الموضوع:العناية بالبيئة والمحافظة عليها مقصد من مقاصد التّشريع الإسلامي.
العناصر:
 1-مفهوم البيئة ومكوّناتها.
2- مظاهر اهتمام الشّريعة الإسلاميّة بالمحافطة على البيئة.
التّحليل:
1-مفهوم البيئة ومكوّناتها.
-البيئة هي مجموعة من العناصر الحيّة والعناصر غير الحيّة المكوّنة للطبيعة والّتي تربطها علاقة تفاعلات متعددة ومتنوّعة إلى جانب مظاهر العمران المضافة من قبل الإنسان والتّي هي بدورها تركيبات وتفاعلات من عناصر الطّبيعة.
-عناصر الكون الأربعة التي تقوم عليها الحياة هي الماء والهواء النّار والتّراب، هذه العناصر وإن كانت عناصر غير حيّة إلاّ أنّها العناصر الّتي تقوم عليها الحياة في هذا الكون.
-سخّر الله تعالى الكون بأسره لفائدة الإنسان واستخلفه في الأرض ورزقه من خيراتها ما لا يُعدّ و يُحصى، قال الله تعالى:
﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)﴾.سورة النّحل.
﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)﴾سورة يس.
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)﴾ سورة الأنعام.
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)﴾ سورة عبس.
Üنستنتج أنّ كلّ ما منحنا إيّاه الله تعالى من طعام وشراب ودواب وشجر وحجر وماء وهواء وتراب ونار...هو من عناصر البيئة فكلّ ما يحيط بنا وكلّ ما نستعمله هو من البيئة .
Üالبيئة هي الطّبيعة الخام (البيئة التّي فطرها الله تعالى على صورتها) والطّبيعة الّتي تدخل فيها الإنسان(البيئة المشيّدة).
2- مظاهر اهتمام الشّريعة الإسلاميّة بالمحافطة على البيئة:
-قال صلّى الله عليه وسلّم:«من أحيا أرضا ميتة فهي له»البخاري،الصّحيح، نفهم من هذا الحديث تشجيع الإسلام على الزّراعة والغراسة . فالأشجار والنّباتات هي أوّل العناصر في الهرم الغذائي فعليها تقوم حياة الحيوان وعليهما معا تقوم حياة الإنسان ولذلك كانت مكافأة الإسلام للإنسان الّذي يزرع أرضا ميتة بمنحها له.
و قال صلّى الله عليه وسلّم:«من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتّى تثمر كان له في كلّ شيء يصاب من ثمرتها صدقة عند الله عزّ وجلّ».رواه أحمد في مسنده.
وقال أيضا :« ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاّ كان له به صدقة». رواه البخاري في الصّحيح، كتاب الحرث والمزارعة...
Üجعل الإسلام للإنسان الّذي يزرع شجرة أو نبتة ثواب الصّدقة عن كلّ إنسان أو حيوان يأكل منها أو من ثمرها وفي ذلك تشجيع على الغراسة والزّراعة وعمارة الأرض وازدهارها وإحيائها.
قال صلّى الله عليه وسلّم:«إذا قامت السّاعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتّى يغرسها فليغرسها» رواه أحمد في مسنده. وفي هذا الحديث دليل على قداسة عمل الزّراعة.
Üالغطاء النّباتي الّذي يغطي الأرض هو نعم من عند الله تعالى يجب علينا حفظه وتدعيمه لأنّه أساس الحياة ونحفظه بشكر الله تعالى وبالعمل على نمائه وازدهاره ولنا في ذلك ثواب الدّنيا (الحياة الطّيبة) والآخرة(الأجر والثواب).
-لا يجب أن نفسد في الأرض بتلويث البيئة واستنزاف خيراتها والإسراف في استغلالها كي لا نقضي عليها وعلى أنفسنا.
قال الله تعالى:﴿... وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)﴾. سورة الأعراف.
﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾.سورة الرّوم.
استنتاج في علاقة بالدّروس السّابقة:
Üفي الغراسة والزّراعة حفظ للكليّات الخمس: حفظ الدّين(حسن خلافة الله تعالى)، حفظ النّفس(الحفاظ على حياة الإنسان)، حفظ النّسل(استمراريّة وجود الإنسان بتوفر أسباب الحياة)، حفظ العقل(الغراسة والزّراعة تنّم عن عقل سليم ومفكّر)،حفظ المال ( بالغراسة والزّراعة نكسب قوتنا ونوفّر صرف الأموال الّتي كنا سنبذلها من أجل توفير حاجياتنا وننمّي أموالنا إذا تاجرنا بمحاصيلنا).



المبحث الرّابع:«ولا تبتغ الفساد في الأرض»، الدّرس الأوّل:«المصالح المعتبرة في الإسلام».
الموضوع: الكليات الخمس وعلاقتها بتكريم الإنسان.
العناصر: 1-معنى المقصد الشرعي والمصلحة. 2-مراتب المقاصد. 3-الكلّيات الخمس وعلاقتها بتكريم الإنسان.
التّحليل:
1-معنى المقصد الشرعي والمصلحة.
-المقصد الشرعي هو المعنى و الهدف من الشريعة، والمقصد العام للشريعة الإسلاميّة هو تحقيق مصالح النّاس بكفالة ضرورياتهم وتوفير حاجياتهم وتحسيناتهم.ومعرفة المقصد العام للشّارع(الله تعالى) من الشّريعة يستعان به على فهم النّصوص الشّرعيّة حقّ فهمها وتطبيقها على الواقع و استنباط الأحكام الشّرعية منها.
-المصلحة في نظر الشّرع هي العمل المؤدي إلى تحقيق نفع و لا ضرر فيه.
-النّصوص الشّرعيّة هي المصادر الشّرعيّة(القرآن الكريم والسّنة ). الأحكام الشّرعيّة هي جملة الأحكام المستخرجة من النّصوص الشّرعيّة .المقاصد الشّرعيّة فهي ما يحقق المصالح.
2-مراتب المقاصد:
-المقاصد ثلاثة مراتب مرتبة حسب المصالح المترتّبة عنها وهي الضّروريّة والحاجيّة والتّحسينيّة. وتسمّى هذه المراتب بالمصالح المعتبرة في الشّرع و أولاها المصالح الضّروريّة ( إذا انعدمت اختلّ معها نظام الحياة وعمران الأرض والعالم وهي خمس مصالح سميّت بالكلّيات الخمس لأنّ كلّ منها ضروري: حفظ الدّين، حفظ النّفس، حفظ العقل، حفظ النّسب، حفظ المال) وثانيها المصالح الحاجيّة (إذا انعدمت وقع النّاس في حرج ومشقّة ومنها التّيسير في التّكاليف الشّرعيّة) وثالثها المصالح التّحسينيّة وهي الكماليّات.
أمثلة على ترتيب المقاصد:
تقديم مصلحة ضروريّة على مصلحة حاجيّة: انفاق المال لإنقاذ حياة إنسان مقدّم على شراء منزل.
تقديم مصلحة حاجيّة على مصلحة تحسينيّة: استئجار أو شراء منزل مقدّم على التّرفيه.
تقديم مصلحة ضروريّة على مصلحة تحسينيّة: شراء الطّعام مقدّم على شراء المشروبات الغازيّة .
3- حفظ المصالح الضّروريّة:
الكليّة
ما يكفل إيجادها
ما يكفل حفظها
حفظ الدين
القيام بأركان الإسلام  والاعتقاد بأركان الإيمان
إظهار شعائر الدّين كأداء الصّلاة المفروضة وحفظ السّنن
حفظ النّفس
الزّواج لاستمراريّة السّلالة البشريّة وحفظ البقاء بالأكل والشّرب واللّباس 
تحريم القتل بغير حقّ أو تعريض البدن للأذى
حفظ العقل
تقيده بالشّرع وتنميّته بالتّفكّر والتّأمل والاجتهاد في ماهو صالح
حمايته من كلّ ما يدخل عليه خللا(الشّرك،الخمر،الميسر(القمار)...)
حفظ النّسب أو النّسل
الزّواج الشّرعي وترك الزّنى
تأمين سلامة الأسرة واستقامة سلوكها وذلك بالتّربيّة الدّينيّة.
حفظ المال
تحصيله بالحلال وحسن التّصرّف فيه
حسن التّصرّف فيه كترك القمار
Üمن تكريم الله الإنسان أن كلّفه بعمارة الأرض وحدّد له أحكاما تحفظ نظام التّعايش فيها.حفظ الكلّيات الخمس يضمن سعادة الإنسان في الدّنيا بحياة كريمة مستقيمة وفي الآخرة بحسن الجزاء.

المبحث الرّابع:«ولا تبتغ الفساد في الأرض»،الدّرس الثّاني:«دور التّشريع في رعاية المصلحة»
الموضوع: أقسام الحكم الشرعي و قيامها على قاعدة جلب المصلحة ودرء المفسدة.
العناصر:1-مفهوم الحكم الشّرعي وأقسامه.2-درء المفسدة وجلب المصلحة أساس الأحكام الشّرعيّة.
التّحليل:
1-مفهوم الحكم الشّرعي وأقسامه.
-مفهوم الحكم الشّرعي:الحكم الشّرعي هو الخطاب الموجّه للمكلّفين طلبا أو تخييرا أو وضعا.ينقسم الحكم الشّرعي إلى الحكم التّكليفي و الحكم الوضعي.
Üالحكم التّكليفي: هو مقتضى خطاب الله تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين على جهة الاقتضاء(الطلب) أو التّخيير.الطلب إمّا أن يكون بطلب الفعل أو ترك الفعل، وطلب الفعل إمّا أن يكون جازم(الواجب) وإمّا أن يكون غير جازم(المندوب) كذلك طلب ترك الفعل إمّا أن يكون جازم(المحرّم) أو غير جازم(المكروه).التخيير بين طلب الفعل وترك الفعل (المباح).
أمثلة للحكم التّكليفي :قال الله تعالى:﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ....سورة المائدة:3.  في هذه الآية الكريمة طلب ترك الفعل(أكل الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به) وهذا الطلب جازم بالعبارة الصّريحة(حرّمت) معنى ذلك أنّ الحكم التّكليفي هنا هو التّحريم .
قال صلّى الله عليه وسلّم:«خمس صلوات في اليوم والليلة، قال هل عليّ غيرهنّ قال:لا إلاّ أن تطوّع.» صحيح البخاري(كتاب الإيمان)، في هذا الحديث الشّريف طلب الفعل طلبا جازما(أداء الصّلوات الخمس) والحكم التكليفي هنا هو الوجوب.
Üالحكم الوضعي:هو ما وضعه الشّارع من أسباب (دخول الوقت سبب لأداء الصّلاة)أو شروط (الطّهارة شرط لصحّة الصّلاة) أو موانع (القتل مانع من الإرث) تعرف عند وجودها أحكام الشّرع من إثبات أو نفيّ.
Üالفرق بين القسمين التّكليفي والوضعي هو أنّ التّكليفي كلّف المخاطب بمقتضاه فعلا أو تركا، وأمّا الوضعي فقد وضعت له علامات للفعل أو الترك أو أوصافا لهما.
-المكلّف هو المسلم البالغ العاقل القادر على التّكاليف الشّرعيّة .
أمثلة للحكم الوضعي : قتل الوارث مورثه مانع من استحقاق الإرث.حضور الشّاهدين شرط لصحّة الزّواج.رؤية الهلال سببا لوجوب الصّوم.تعيين الثّمن والأجل في البيع شرط لصحّة العقد .دخول الوقت سببا لوجوب الصّلاة.الاستطاعة الماليّة والبدنيّة شرط لوجوب الحجّ.الطّهارة شرط لصحّة الصّلاة.ملك النّصاب سببا لوجوب الزّكاة.
2-درء المفسدة وجلب المصلحة أساس الأحكام الشّرعيّة.
كلّ حكم شرعي هدفه جلب مصلحة أو دفع مفسدة،وصف الهدي الّذي نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالنّور لأنّ حياة البشر لا تستقيم بدونة.
أحكام الشّريعة من عبادات ومعاملات وأخلاق غايتها تحقيق سعادة البشر في حياتهم الفانيّة والباقيّة.
قال الله تعالى:﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَالأعراف (157).


المبحث الرّابع:«ولا تبغ الفساد في الأرض»،الدّرس الأوّل:«التّواصل الإجتماعي»
الإشكاليّة: ماهي أسس التّواصل الإجتماعي؟ وما هي عوائقه؟
الموضوع: أسس الحياة الإجتماعية وعوائق التّواصل الإجتماعي.
العناصر:1-أسس الحياة الإجتماعيّة.2-عوائق التّواصل الإجتماعي.
التّحليل:
1-أسس الحياة الإجتماعيّة:
-الإنسان إجتماعيّ بطبعه أي أنّه يعيش في مجموعات وجماعات تربطها علاقات ومنافع ومصالح مشتركة و لا غنى للإنسان عن أخيه الإنسان.
-تقوم العلاقات الإجتماعيّة على قيّم ومبادئ وأسس تنظّم الحياة الإجتماعيّة، وقد حثّ الإسلام على العلاقات الطّيّبة والحسنة وأمرنا بالتّراحم فيما بيننا والمودّة والمحبّة والتّعاون والتّآزر وإحترام بعضنا البعض وحرّم الظّلم والإعتداء...
قال صلّى الله عليه وسلّم:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد.إذا إشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى».(مسلم، الجامع الصّحيح، باب تراحم المؤمنين).
آداب وأخلاقيّات وسلوك المسلم
السّند
نفع النّاس وإسعادهم بما نقدر(كشف كربة،قضاء دين، إخراج الصّدقات أموالا كانت أومتاعا أو طعاما...)
قال صلّى الله عليه وسلّم:«أحبّ النّاس إلى الله تعالى أنفعهم للنّاس، وأحبّ الأعمال إلى الله تعالى عزّ وجلّ سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كُربة،أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا».المنذري، التّرغيب والتّرهيب ص266.
التّبسّم ،الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ،وعظ النّاس وارشادهم للحقّ ،مساعدة ذوي الإعاقات ،إماطة الأذى عن الطّريق ،إيثار الآخرين على النّفس .
قال صلّى الله عليه وسلّم:«تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرّجل في أرض الضّلال لك صدقة، وبصرك للرّجل الرّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشّوك والعظم عن الطّريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».التّرميذي،السّنن،كتاب البرّ والصّلة.
الصّبر على أذى  النّاس ومخالطتهم .
قال صلّى الله عليه وسلّم:«المؤمن الّذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الّذي لا يخالط النّاس ولا يصبر على أذاهم».ابن ماجه،السّنن،كتاب الفتن.
عدم معاداة النّاس والمبادرة بالمصالحة عند الخصام.
قال صلّى الله عليه وسلّم:«لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيّام، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا وخيرهما الّذي يبدأ السّلام».أبو داود، السّنن،باب في هجرة الرّجل أخاه.
مقابلة السّيئة بالحسنة.
قال الله تعالى:﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)﴾سورة:فصلت.
قول الكلمة الطّيبة.
قال صلّى الله عليه وسلّم:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو لِيَصْمُتْ».البخاري، الجامع الصّحيح،كتاب الأدب.
التّواضع.
قال الله تعالى:﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37)﴾.سورة:الإسراء.
الأخوة والصّداقة مع النّاس.
قال صلّى الله عليه وسلّم:«لو كنت متخذا خليلا لاتّخذت أبا بكرٍ خليلا. ولكنّه أخي وصاحبي».مسلم،الجامع الصّحيح،كتاب فضائل الصّحابة.
2-عوائق التّواصل الإجتماعي:
-من عوائق التّوصل الإجتماعي: الأنانيّة وحبّ الذّات، البخل والشّحّ، الغرور والكبر احتقار الآخرين والسّخريّة منهم، النّميمة والغيبة، الكذب وقول الزّور والباطل، الإعتداء والسّرقة والغشّ، إعتزال النّاس والإنطواء على النّفس، التّشاجر والخصام مع الآخرين والإعراض عنهم...


المبحث الرّابع:«ولا تبغ الفساد في الأرض»،الدّرس الثّاني:«آداب الطّريق»
الإشكاليّة: كيف أتصرّف في الطّريق؟
الموضوع:آداب الطّريق.
العناصر:1- وظيفة الطّريق. 2-حقوق وآداب الطّريق.
التّحليل:
1- وظيفة الطّريق:  الطّريق هو الممرّ أو المسلك الّذي يمرّ منه النّاس لقضاء شؤونهم (العمل، السّفر، الدّراسة، التّسوّق...)، فقد جعلت الطّرقات لتسهيل الحياة اليوميّة ودرء المشقّة عن النّاس في التّنقّل من مكان لآخر.
2-حقوق وآداب الطّريق:
آداب الطّريق
السّند
لا نجلس في الطّرقات.وإن جلسنا فعلينا بغضّ البصر وعدم النّظر إلى ما حرّم علينا النّظر له وعدم أذية المارّة بأعيننا أو بأيّ فعل آخر،يجب علينا ردّ السّلام، الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر إذا رأينا أو سمعنا منكرا.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:« إيّاكم والجلوس في الطّرقات. فقالوا:يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدّ، نتحدّث فيها.فقال:فإذا أبيتم إلاّ المجلس فأعطوا الطّريق حقّه. فقالوا: وما حقّ الطّريق يا رسول الله؟ قال:غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر».البخاري، الجامع الصّحيح،كتاب الأدب.
غضّ البصر لما حرّم علينا النّظر له لأنّ فيه أذيّة لأنفسنا وللآخرين.
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30).سورة النّور.
عدم التّوقّف في الطّريق والحرص على عدم أذيّة الآخرين بأيّ شيء كان وتحمّل المسؤوليّة إن حدث ذلك
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من أوقف دابة في سبيل من سُبُلِ المسلمين أو في أسواقهم، فأوطئت بيد او رجل فهو ضامن».(ضامن:مسؤول).البيهقي، السّنن الكبرى.
إماطة الأذى عن الطّريق.
 عن أبي برزة الأسلمي قال:« قلت يا رسول دلّني على عمل يدخلني الجنّة أو أنتفع به؟قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين».مسلم، الجامع الصّحيح، كتاب البرّ والصّلة.
السّلام وردّ السّلام.والأخذ بعين الإعتبار آداب السّلام.
﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86).سورة النّساء.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«يسلّم الرّاكب على الماشي، والماشي على القاعد، القليل على الكثير، والصّغير على الكبير».الإمام أحمد، مسند أبي هريرة.
لا نحتقر النّاس ولا نعرض عنهم، ونعتدل في مشيّنا وأصواتنا.
﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19).سورة لقمان.
النّهي عن السوء والأمر بما فيه الخير والإحسان.
﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110).سورة آل عمران.
الاصلاح بين النّاس ومساعدتهم وقول أحسن الكلام والحرص على الذّهاب للمسجد وإماطة الأذى عن الطّريق.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«تعدل بين الإثنين صدقة، وتعين الرّجل في  دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطّيّبة صدقة، بكلّ خطوة تمشيها إلى الصّلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطّريق صدقة».مسلم، الجامع الصّحيح، كتاب الزّكاة.
إذا عثرنا على شيء نحرص على ارجاعه لأصحابه والبحث عنهم إن لم نعرفهم مباشرة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من وجد لُقَطَةٌ فلْيُشْهِدْ ذَوَى عدل ولا يَكْتُمْ ولا يُغَيّبْ؟، فإن وجد صاحبها فليَرُدّها عليه وإلاّ فهو مال الله يُؤتِيه من يشاء».أبو داود،السّنن،كتاب الزّكاة.
ارشاد الضال للطريق المقصود ومساعدة ذوي الإعاقات كالأعمى على عبور الطّريق.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:« ...إرشادك الرّجل في أرض الضّلال لك صدقة، وبصرك للرّجل الرّديء البصر لك صدقة...». التّرميذي،السّنن،كتاب البرّ والصّلة.




الدّرس الثّاني: الوحدة والتّنوع بين الرّسالات السّماوية. العناصر: 1-مظاهر الوحدة بين الرّسالات السّماوية. 2-مظاهر التّنوع بين الر...