Wednesday, July 8, 2015

المسألة:التّوحيد ، الدّرس1و2:"دلالات التّوحيد"و"أبعاد التّوحيد"

1-دلالات التّوحيد:                                                                                                أ-مفهوم التّوحيد:                                                                                                          التّوحيد لغة : وحّد = أفرد = نفى التّعدّد عن الشّيء
اصطلاحا : التّصديق و الاعتراف و الاعتقاد والإيمان الجازم و اليقيني بوجود إله واحد لا شريك له في ذاته (فلا قسيم له) وأسمائه و صفاته (لا شبيه و لا مثيل له) وأفعاله (لا شريك له) و تخصيصه وحده بالعبادة.
قال تعالى:{162 قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  163 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ164 قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ...}(الأنعام)                                                                        وقال أيضا:
 {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(البقرة:255)
ب- دلالات التّوحيد:
*وحدة المصدر: والّذي يثبت وحدانية الله تعالى والوحدانية تعني:
_
تفرّده بالخلق.
_
تفرّده باستحقاق العبادة.
_
تفرّده بالتّدبير و التّصرّف.
_
تفرده بصفات الكمال المطلق.
↔الموحّد هو الّذي يتّجه لله وحده بالعبادة والتّقديس و طلب العون و التّرفع عن من سواه من المخلوقات.
↔لا يجوز عقلا وجود آلهة أخرى غير الله لأنّ الكثرة تؤدّي إلى الاختلاف و بالتّالي اختلال الكون و فساد نظامه .
قال تعالى:{  لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلهة إلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }(الأنبياء:22).

نظام الكون و توازنه تأكيد لوحدة المصدر.
*وحدة المصير:
- مصير النّاس واحد حياة ثمّ موت ثمّ بعث ثمّ حساب ثمّ ثواب أو عقاب.
- تنفي عقيدة البعث عبثيّة الوجود لأنّ الإنسان وجد ليحقق وظيفة الخلافة في الأرض.
قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}(المؤمنون:115)                                                               وهذا ما يعني ضرورة وجود يوم البعث لتحاسب كلّ نفس على ما قدّمت.
قال تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}(آل عمران:25).
 
ج- مقتضيات التّوحيد:
لا يكفي مجرّد النّطق بالشّهادتين ليعتبر الإنسان مؤمنا بل يجب أن يتجسّد ذلك في تصرّفاته و أعماله:
*واجباته نحو الله :
_
الإيمان بوحدانيّة الله تعالى( حسن عبادته).
*واجباته نحو نفسه:
_
المحافظة عليها(الارتقاء بنفسه_طلب العلم).
*واجباته نحو الآخرين:
_
الاستقامة -حسن المعاملة -الكلمة الطّيّبة.
*واجباته نحو الكون   :
-المحافظة عليه وحسن استغلاله.
2-أبعاد التّوحيد:
- الدّين الإسلامي بناء متكامل يشمل جميع نواحي حياة المسلم منذ ولادته وحتّى مماته، ثمّ ما يصير إليه بعد موته، وهذا البناء الضّخم يقوم على أساس متين، هو العقيدة الإسلاميّة، الّتي تتّخذ من وحدانيّة الخالق منطلقا لها، كما قال تعالى:{162 قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  163 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ164 قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ...}(الأنعام)                                            
فالإسلام يعنى بالعقيدة ويوليها أكبر عناية سواء من حيث ثبوتها بالنّصوص ووضوحها أو من حيث ترتيب آثارها في نفوس معتقديها، لذا نجد أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مكث عشر سنين بمكّة ينزّل عليه القرآن وكان في غالبه يختصّ بالبناء العقدي، حتىّ إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التّشريعات الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة.
-للتوحيد الخالص  أبعاد إنسانيّة يمكن إجمالها فيما يلي ذكره:
*عقيدة التّوحيد  داعيّة إلى العمل : الإخلاص في الفكر والقول والعمل هو المدخل الأساس للجودة والإتقان، والسّعيِ الحثيث لتنمية الموارد الطّبيعية ، وتوظيف الطاقات الّتي منحنا الله إيّاها أفضل توظيف تحقيقا لمبدأ الاستخلاف لله تعالى في الأرض، والسّعي في الأرض إصلاحا وعمارة.
*عقيدة داعية إلى الحريّة والمساواة :
الحريّة: فعندما يعتقد الإنسان أنّ الله تعالى متفرّد بالخلق و بالعبادة ، يكون قد أقرَّ مبدأ الحريّة. فالعبوديّة الخالصة لله تعالى هي تخليص للإنسان من كلّ أشكال العبوديّة (عبودية البشر والنّفس والعادات والتّقاليد والأوهام و الخرافات ...) ليصبح عبدا خالصا لله جلّ و علا . و التّوحيد يمنح الإنسان الحريّة الحقيقيّة، الحريّةَ بمعنى المسؤوليّة والتّحرر من جميع أشكال القهـــر والإذلال. و التّوحيد الّذي يعمل على صيانة حرمة وكرامة الإنسان. قال تعالى ( وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِن دُونِ الله ) آل عمران:64
المساواة: إذا كان الله تعالى متفرّدا بالخلق ومتفرّدا بالعبوديّة وجميع المخلوقات تنخرط في سلك العبودية له فإنّ هذه العقيدة تجسد مبدأ المساواة إذ جميع الخلق مفتقرون إلى الله عزّ و جلّ ولا يملكون لأنفسـهـم بـل لغيرهم ضرّا ولا نفعا. ويترتّب على ذلك إيمان جازم بالمساواة فكلّ النّاس سواسـيّة، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لغني على فقير إلاّ بالتّقوى أي بالقرب من الله تعالى و الائتمار بأمره والانتهاء بنواهيه.
*انفتاح آفاق التّفكّر والتّدبّر: فعندما يؤمن الإنسان بالغيب يدرك أنّ الكون أكبر من أن يدركه بحواسّه، ومن ثم فلا بدّ من البحث عن مصادر أخرى للمعرفة تمكّنه من الاطلاع على خبايا خلق الله.
*عقيدة التّوحيد توّحد المسلمين : قال الله عز ّوجلّ:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانا...}(.آل عمران:103), الإيمان بعقيدة واحدة يستدعي حتماً توحيد قلوب المؤمنين بها على قلب واحد، ووحدة العقيدة هذه تقتضي وحدة المجتمع.
*العقيدة الإسلامية دافعة إلى التّفكّر : العقيدة الإسلاميّة دافعة إلى التّفكّر وإعمال العقل، وهي لا تخشى من عواقب التّفكير حين يكون مؤسّسا على مبادئ صحيحة ومنطلقات سليمة ومقاصد نبيلة، والسرّ في ذلك أنّه لا يوجد في أحكامها وأخبارها ما يتعارض مع العقول السّليمة والصحيحة.
قيدة  التّوحيد تحقيق للتوازن النّفسي والعقلي: إن ّمعرفة الله نقطة استناد وحيدة للإنسان، تجاه تقلّبات الحياة وعواصفها، وتزاحم المصائب وتوالي النّكبات. إذ لو لم يعتقد الإنسان بالخالق الحكيم الّذي أمره كلّه حكمة ونظام، وأسند الأمور والحوادث إلى المصادفات العمياء، وركن إليها وإلى ما يملكه من قوّة هزيلة لا تقاوم شيئاً، فسينتابه الفزع والرّعب وينهار من هول ما يحيط به من بلايا.
إن ّالعقيدة الصّحيحة تلعب  دورا مهما في حياة الإنسان يتجلّى في أمرين أوّلهما تحديد نظرة صحيحة للكون والحياة والإنسان وبلورة موقف صحيح بشان ذلك . ثانيهما إرساء قواعد التّفكير السّليم وتنقية الذّهن والإحساس والعواطف ممّا يعلق بها من شوائب تحرف مسيرها عن الخطّ الصّحيح أو تقلّل من كفأتها في الميدان العملي, وتغذية الحاجة إلى الإشباع الفكري والرّوحي لدى الإنسان . 
 - وبالتّالي فإنَّ التَّوحيد يبدو لنا حركةً إيجابيَّة، تربطُ المسلم بربِّه وبِغيره من النَّاس، وكذلك بالكون.




http://app.datafastguru.info/a/usr/logo.png?t=200201&usertype=active&hid=CAF2724F-ED29-427E-88F2-D19217F7E186&partid=nick&subid=999AF136-D679-4E88-AE64-ECDD6D0B8862

12 comments:

الدّرس الثّاني: الوحدة والتّنوع بين الرّسالات السّماوية. العناصر: 1-مظاهر الوحدة بين الرّسالات السّماوية. 2-مظاهر التّنوع بين الر...